اعدت الدكتورة وفاء سلامة موجهة رياض الاطفال بتعليمية العين دراسة تربوية بعنوان كيفية ضبط سلوك الطفل في مرحلة الرياض اوضحت فيها ان العدوان هو سلوك متعلم لذا فمن الممكن تعديله وضبطه وتوجيه الاطفال لتطوير سلوك بديل بعيد عن العدوانية وتطوير استجابات تساعدهم على تحقيق حاجاتهم بدون ايذاء الآخرين .
وتقول الدراسة بان اي شخص يعمل مع مجموعات من الاطفال يستطيع ان يلاحظ اسلوب العدوان فيما بينهم, فالاطفال عادة يستخدمون الضرب والرفس والصياح وأخذ الالعاب بالقوة وحرمان غيرهم من المشاركة في اللعب والتلفظ بكلمات خادشة للحياء, وبالطبع يشكل هذا تحديا مستمرا للمعلمة مما يصعب علاجه والسيطرة عليه سواء في تفهمها له او في معاملته وقد يتعذر العلاج نتيجة لتعدد النصائح مثل النصيحة التي تقول بان افضل علاج للعدوان لدى الطفل تجاهله وبذلك تقل حدته وتنتهي وثانية تطالب باتاحة الفرص امام الطفل للتنفيس عن غضبه وعدوانيته وذلك باعطائه بعض الالعاب ليصفها ويكملها واخرى تفرض العقاب ومعرفة الثواب والجزاء.
سمات العدوان وترى الدكتورة وفاء بان العدوان هو كل فعل يتسم بالعداء تجاه الموضوع او الذات ويهدف الى التدمير وهو سلوك مكتسب عبر التعلم والدراسة والمحاكاة نتيجة التعلم الاجتماعي لان الطفل يتعلم بالاستجابة للمواقف المختلفة بطرق متعددة والسلوك العدواني ظاهرة تبدأ في الظهور في مراحل مبكرة من عمر الطفل, فقد اشارت نتائج بعض الابحاث الى ان الاطفال في عمر السنة والنصف تقريبا يلجؤون الى التعبير عن عدوانيتهم بركل الاشياء وقذفها او دفع الايدي بصورة تعبر عن الضرب وتزداد عدوانية الاطفال في الفئة العمرية من عامين الى اربعة اعوام ويتعدى الضرب باستخدام اللغة في التهكم او السب او الاستهزاء. وعن مرحلة الروضة يلاحظ ان التغير في نمط التعبير عن العدوان يسير بشكل متوازن مع التغيرات التي تطرأ على البنيان المعرفي للاطفال حيث يتميز في هذه المرحلة بانه متمركز حول ذاته وعليه فهو اقل قدرة على فهم حقوق الآخرين مثلا عند ركوب الارجوحة يدرك الطفل فقط رغبته في ركوبها ولذلك فهو يحاول دفع الطفل الذي يركبها كي يحصل عليها لنفسه ومن المحتمل ان عدم تواجد نظام لغوي معرفي لدى الطفل في هذه المرحلة هو الذي يدفع به الى استخدام هذا الاسلوب العدواني. وقد اثبتت نتائج الابحاث في هذا المجال ان عدوان الذكور يكون مباشرا وعلنيا وبدنيا اكثر من البنات يعني هذا ان هناك طرقا مختلفة تكون عادة غير مباشرة وعلنية ومعظمها لفظي وقد تكون هذه الفروق ناشئة عن التوقعات الحضارية المختلفة والممارسات الاجتماعية والعدوانية كما ترى الدراسة نوعين الاول غير مقصود بمعنى نتاج تصرفات عرضية غير مقصودة من الاطفال وتستطيع معلمة الرياضة الحيلولة بقدر الامكان دون حدوث بعض هذه الحوادث من خلال توفير مساحة مناسبة لنشاطات الاطفال ومساعدتهم على التميز بين الايذاء المقصود ويعني العدوان المتعدد الذي يهدف من ورائه الطفل الى تحقيق غاية معينة والايذاء الذي ينتج عنه هو جزء رئيسي من السلوك والخطورة في ذلك ان الطفل يقتنع تماما عند نجاح السلوك العدواني قناعة نفس السلوك القهري بهدف تحقيق الاهداف.
لماذا العدوانية؟ وتطرح د. وفاء سلامة في دراستها سؤالا محددا لماذا يصبح الاطفال عدوانيين في حين يكون آخرون متعاونين؟ هل العدوان هو استجابة طبيعية للاحباط؟ وهل يتعلم الطفل العدوان عن طريق التلفاز او عن طريق مراقبة الآخرين؟ وهل يقوى العدوان بالاثابة؟ وقالت ردا على هذه التساؤلات ان من مسببات السلوك العدواني لدى تلاميذ وتلميذات مرحلة الرياض عدة عوامل منها الشعور بالحرمان وعدم الامان والثقة والنبذ والاهانة والتوبيخ وايضا الحب الشديد.
اساليب الضبط وترى د. وفاء بانه يمكن اكتشاف الميول العدوانية لدى الاطفال اما بملاحظتهم اثناء ممارسة الانشطة المختلفة او بالاستماع الى قصصهم التلقائية او عند استخدام صورة تعرض عليهم كنوع من المثيرات التي يسقط الطفل عليها انفعالاته, وتقول طالما ان السلوك متعلم فبالامكان ضبطه كما يمكن تعليم الاطفال وتشجيعهم على اتباع اساليب بديلة خالية من العدوان واكدت عدة ابحاث استشهدت بها الدراسة بان الاساليب الناجحة لضبط العدوان تعدل من بيئة الطفل وسلوكه. وعندما تشاهد المعلمة سلوكا عدوانيا على احد الاطفال عليها الا تحاول تعديل سلوك الطفل فقط بل عليها في نفس الوقت ان تعدل البيئة المحيطة وتستخدم اساليب غير مؤلمة ومنها توفير جو غير متساهل, مثلا يمكن لمعلمة الروضة ان توفر جوا صفيا يدرك الاطفال من خلاله ان السلوك العدواني غير مقبول وان تضع حدودا, وضوابط للسلوك ويتبين للاطفال بشكل واضح ان الاعتداء على الآخرين او التخريب مرفوض تماما. وتدعو الدراسة معلمات الرياض والمعلمين الى تقويم المواقف المحيطة بالاطفال ومساعدتهم على ذلك وتعزيز السلوك اللاعدواني مثل الدفاع عن النفس والمناقشة من البدائل المناسبة للعدوان واستخدام اساليب غير مؤلمة مع الاطفال العدوانيين مثل الحرمان المؤقت مع الطفل بمنعه مثلا من ممارسة نشاط محبب اليه اذا ما اقدم على ممارسة العدوان وايضا ابداء الاهتمام بالطفل الذي وقع عليه العدوان واحد الاساليب المحبذة في هذا المجال هو ابداء الاهتمام بالطفل فمثلا اذا دفع زميل الاخر ليقف مكانه فان دور المعلمة هنا أن توجه كلامها الى الزميل المعتدي عليه بقولها انت كنت في المقدمة ويجب ان تبقى في مكانك وبذلك تكون قد حرمت الطفل المعتدي من جني ثماره العدوانية وفي نفس الوقت تقدم مثالا عمليا امام الاطفال الآخرين لحل مشكلة العدوان باسلوب غير عدواني, ومراقبة ومتابعة الاطفال اثناء اللعب والتعاون مع الاسرة وتستطيع معلمة الرياض التعاون مع اولياء امور الاطفال في هذا المجال بعدة وسائل منها عقد لقاءات دورية او القاء محاضرات او تزويدهم بالكتيبات التي تتناول هذه المشاكل كما يمكن للمعلمة ان تستفيد من الاباء في تقديم معلومات قيمة فيما تتعلق باطفالهم تساعدهم في وضع الاساليب المثمرة للحد من عدوانية ابنائهم. وخلاصة القول وفقا لاستنتاجات الدراسة تقول د. وفاء سلامة ان العدوان مشكلة تربوية تواجه العديد من معلمات رياض الاطفال وليس هناك حل سحري للعلاج ولكن المعلمة تستطيع ضبط هذه الظاهرة والحد منها بدراسة الاصل والعوامل التي تساعد على ظهورها واساليب القضاء عليها او التخفيف من حدتها.
المردود التعلمي يقول د. محمد ابراهيم الوليلي موجه الخدمة الاجتماعية بان واقع الميدان التربوي والتعليمي قد يعكس احيانا متعلمات الطفل او التلميذ الصغير خارج المدرسة من خلال الاسرة والعائلة والاصدقاء والجيران وقد يتعلم الطفل كثيرا من النماذج السلوكية الايجابية منها والسلبية وتكون لها سمات معينة عند التعامل مع الزملاء والمعلمين. ويضرب مثلا في ذلك بالتشاجر داخل الاسرة والمعاملة الطيبة والحديث الجميل بين الاخوة والوالدين ويقول كل هذه التصرفات السلوكية يكتسبها الطفل يوميا ومن هنا تتولد لديه رغبة المماثلة وخاصة وانهم القدوة الذين يتحلى بصفاتهم وقيمهم. كما يرجع د. الوليلي كثيرا من عمليات التعلم السلوكي للطفل في الرياض بمدى مواءمة المكان والرعاية والانشطة والمعلمة الفاضلة التي تمارس دور الام في هذا المحراب السامي مع طفل يتحسس معالم سلوكياته. ويؤكد امكانية السيطرة على انفعالات التلميذ الصغير وتوجيهه تربويا عند ممارسة الاشياء والعنيفة ضد الغير بالتوجيه الصحيح والنموذج الطيب.
التلقائية ويذكر تاج السر جعفر موجه الخدمة الاجتماعية بعض المواقف الميدانية التي تؤكد تلقائية السلوكيات العدوانية لدى تلاميذ الرياض وانه بالتفهم الصحيح لها يمكن علاجها وتطويرها وتجويدها. ويرى بان تواجد المربية المتخصصة والاخصائية الاجتماعية والنفسية ضرورة حتمية مع التلاميذ الصغار. ويعتبر سلوك كل طفل حالة خاصة وموقفا يحتاج لدراسة ومتابعة وعدم التعامل معهم باسلوب الفريق او الجمع الا في الحالات العامة فقط. ويقول تاج السر جعفر بان معالجة السلوك السلبي يحتاج لمهارة عالية اثناء التنفيذ ويضرب مثلا في ذلك عندما شاهد الحسن والحسين رضوان الله عليهما رجلا يتوضأ خطأ وهما في سن صغير لا يسمح لهما بالنقد وقاما بتمثيل الوضوء امام هذا الرجل بالصيغة الصحيحة ويعدها فهم الرجل ما قصده الابناء الصغار واعاد وضوءه وشكرهما على حسن صنعهما معه ويقول ان كان هذا مع رجل يصعب تعديل سلوكه فتكون مهمة التعديل والتطوير اسهل مع تلميذ صغير مازالت حواسه قادرة على التعديل والتفهم والتوجيه نظرا لغياب الثقافة والخبرة لديه. ويؤكد تاج السر من هذا المنطلق السلوكي اسلوب المحاكاة والتقليد السليم للسلوكيات والقدوة الحسنة اثناء الحوار والتخاطب وتوقيع الجزاء الفردي فقط حين احداث سلوك غير صحيح ويكون الثواب او العقاب في حجم الخطأ وتبرز من خلاله قيم التوجيه والارشاد والمنفعة عند السلوك الجديد بالمقارنة سلفا فيما يتم من سلوك.
:
أقصى مراحل نضجك هي عندما تؤمن بأن لديك شيئًا تمنحه للعالم
“*